شراكة القطاعين لتمكين الشباب الإماراتي

 

يمكن لشراكة القطاعين العام والخاص إعداد الكوادر وتمكين الكفاءات الوطنية أن تصبح نموذجاً إماراتياً فريداً وملهماً، إقليمياً وعالمياً، كما هي الحال في الشراكة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين ومؤسسة عبدالله الغرير للتعليم في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تطوراً مستمراً ومتسارعاً في الكم والنوع، تحرص الدول على مواكبة هذا التحوّل بالتركيز على إعداد الكفاءات، وتطوير المهارات، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030؛ وفي مقدمتها: توفير التعليم الجيد، وإتاحة فرص العمل ونمو الاقتصاد، وبناء مجتمعات مستدامة، وعقد شراكات تحقق الأهداف المنشودة.

وكانت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات سبّاقة في استشراف المستقبل وتوقّع التحولات الجذرية والتغييرات الواسعة التي ستشهدها قطاعات حيوية مثل التعليم والعمل في الألفية الثالثة، فوضعت رؤية الإمارات 2021 وأجندتها الوطنية، واستهدفت في أولوياتها تحقيق نظام تعليمي رفيع المستوى، وبناء اقتصاد مستدام ومتنوع، وترسيخ ركائز التنمية البشرية من أجل إرساء دعائم مجتمع متقدم متلاحم، وتمكين الشباب من خوض مختلف ميادين العمل لاكتساب منظومة متكاملة من المهارات والكفاءات القيادية فيها.

فما كان من هذه الرؤية الاستراتيجية إلّا أن أثمرت بجعل دولة الإمارات نموذجاً يحتذى في التنمية البشرية، محققة في عام 2018 المركز الأول عربياً وال 34 عالمياً من أصل 189 دولة، متقدمة 8 مراكز عن عام 2017؛ وهو ما أكده تقرير الأمم المتحدة الصادر في سبتمبر 2018.

لكن لمواصلة قصة نجاح التنمية البشرية على المستوى الوطني، وتوفير المقومات لتحقيق مئوية الإمارات 2071 بمحاورها الأربعة الطامحة للوصول إلى أفضل تعليم وأفضل اقتصاد وأفضل حكومة وأسعد مجتمع في العالم، لا بدّ من تعزيز فرص الشراكة بين القطاعين العام والخاص في التعليم وتطوير المهارات، وتوظيف حلول التكنولوجيا والمعرفة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لتطوير الكفاءات والقيادات المواطنة؛ خاصة مع التحولات الجذرية في مهن الغد، والمتطلبات المتنامية لسوق العمل، والتغيرات النوعية التي ستشهدها هيكليات القطاعات الحكومية في حكومات المستقبل.
ولا بديل هنا عن أن تلعب مؤسسات القطاع الخاص دوراً أكبر في تمكين الشباب الإماراتي، وتوسيع خياراته الأكاديمية والوظيفية، منطلقةً من مسؤوليتها الاجتماعية في تسخير عطائها المؤسسي لخدمة الشباب وتعليمه وتدريبه وتأهيله، لقيادة قطاعات مهنية جديدة وترسيخ ثقافة عمل متطورة، تواكب التحولات التعليمية والاقتصادية المتسارعة وتستفيد من تطبيقات التعلّم الذكي والمستمر، والتدريب الإلكتروني والتخصصي، وتقنيات التعلّم بالمحاكاة والواقع الافتراضي، مانحةً الشباب مزيداً من الفرص للاطلاع على آفاق وظيفية ومهنية أوسع؛ وتحديداً في القطاع الخاص ومجالات ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة والمبتكرة.

وفي هذا السياق، هناك الكثير من الفرص المتاحة أمام مؤسسات القطاع الخاص في الدولة لإطلاق برامج مصممة خصيصاً للشباب في دولة الإمارات، لتطوير ثقافة العمل لديهم وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم وتعريفهم بفرص العمل الجديدة والمستقبلية في مختلف تخصصات اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار.

واليوم، يمكن للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال إعداد الكوادر وتمكين الكفاءات الوطنية أن تصبح نموذجاً إماراتياً فريداً وملهماً؛ إقليمياً وعالمياً، كما هي الحال في الشراكة بين وزارة الموارد البشرية والتوطين ومؤسسة عبدالله الغرير للتعليم ضمن «برنامج الغرير للمفكرين اليافعين» الموجّه لتمكين الشباب الإماراتي لاختيار مساقات تعليمية ووظيفية واعدة مستقبلاً، والتي تشكّل مقدّمة لمزيد من الشراكات بين المؤسسة ومختلف الجهات الفاعلة والحريصة على دعم التجارب الريادية الناجحة في دولة الإمارات، التي صارت معياراً في عقد شراكات نوعية في مجالات حيوية، كالتحوّل الرقمي، والاستراتيجية الوطنية للابتكار، والحكومة الإلكترونية والذكية، واستراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل، وغيرها من السياسات الاستراتيجية التي تعكس حرص قيادة الدولة المستمر على تحقيق الأسبقية وأخذ زمام المبادرة لاستدامة التنمية.
وبالمحصّلة، سيؤدي ذلك إلى نتائج استراتيجية نوعية في إعداد رأس المال البشري الوطني القادر على التكيّف مع التغيير في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعزيز القدرة التنافسية للدولة، وتأهيل الشباب لامتلاك مقومات النجاح تعليمياً ووظيفياً، لما فيه بناء المستقبل الذي تطلّع إليه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي احتفت الدولة عام 2018 بالقيم التي رسّخها منهجاً للدولة وأبنائها ومؤسساتها؛ من اهتمام بالتعليم ودعم للشباب ورفع للبناء وتعزيز للنمو، حتى أصبحت الإمارات قصّة نجاح ملهمة.